هل ألوان الملابس تؤثر على حياتنا !







يبدو أن الإنسان في كل مكان، وعلى أي مساحة جغرافية من العالم، بات لزاما عليه أن يعيد النظر في كل الأشياء التي يرتبط بها نفسياً وحتى جسدياً، ويردها بكل ما فيها من حركات وسكنات إلى مرجعية علمية قابلة للتحليلات المختبرية والنفسية، فحتى الملابس التي نرتديها أصبح من الضروري أن نختارها وفق مقاييس علمية دقيقة، وإلا أصبحنا عرضة للتوتر والقلق والاضطرابات النفسية، خصوصا بعد أن تحول مصطلح (صرعة الموضة) أو مصطلح (جنون الموضة) وغيرهما من التوصيفات التي تحيل إلى عدم التوازن والجنوح إلى المغامرة، والاصابة بلوثة التجديد والغرابة والدهشة، إلى تشبيه غير دقيق ترفضه الكشوفات العلمية الحديثة التي تؤكد بالدليل القاطع أن ألوان الملابس لها أثرها البالغ على الصحة النفسية والحالة المزاجية لمن يرتديها، ففي التقرير الذي نشرته مؤخراً مجلة (هيلث لاين) الامريكية وجاء نتيجة للعديد من الابحاث والدراسات تبين أن اللون الذي يختاره الإنسان لملابسه في الصباح يؤثر على مزاجه طوال اليوم وأن اختيار ألوان معينة للملابس يزيد من نشاط الإنسان وحيويته، ثم أن الاستخدام، الصحيح للألوان يمكن أن يزيد التركيز والنشاط، والقدرة على التعلم والفهم والتذكر بنسبة تتراوح بين (55 و78%) لذلك يحاول المصممون دائما هذه الأيام أكثر من أي وقت مضى الاعتماد على الألوان التي تجعل مظهر الإنسان أجمل، وتشعره بالراحة النفسية، وهو ما يؤكد حقيقة أثارت الكثير من الجدل طيلة السنوات الماضية، وهي الحقيقة التي حاولت ترسيخ جدوى العلاج النفسي بالألوان، ثم بالفنون التشكيلية بشكل عام، ولذلك حملنا دهشتنا بما جاء في هذه الدراسة الحديثة إلى استشاري الطب النفسي الدكتور ماجد الهواري في مستشفى خاص بالرياض، الذي قال: منذ فترة زمنية طويلة ونحن ندرك أن ألوان ملابس الإنسان لها علاقة عميقة بشخصيته، وأنها تعكس قدراً من حالته النفسية، لكن الدراسات الحديثة، جعلت هذا الاحساس الذي كان الطبيب يشعر به دون أن يملك تقديم أدلة علمية قاطعة على صدق إحساسه من عدمه، واقعا له مرجعية علمية، ونتائج بحثية ميدانية، ليس هذا فقط، بل إن بعض دور الأزياء العالمية الشهيرة أصبحت تركز على وجود استشاريين لها في مجال الطب النفسي، وهؤلاء العلماء يقومون باعداد دراسات خاصة قبل كل موسم من المواسم التي تبدأ معها العروض الجديدة للأزياء وهم ينطلقون من قاعدة علمية هي أن كل الشعوب ليست متشابهة في أمزجتها وحالاتها النفسية، فهي تتأثر نفسيا بالأحداث العالمية والاجتماعية والأوضاع السياسية والاقتصادية ولذلك فإن الألوان التي قد تناسب مجتمعا لا تجذب مجتمعا آخر على المستوى النفسي، ولذلك بات المكان الذي سيقام فيه عرض الأزياء، والجمهور الذي تتوجه إليه هذه الأزياء موضع دراسة، وهذا ما يجعلنا أحيانا نشاهد ملابس تعكس واقع الأحداث، كأن نرتدي (الكوفية الفلسطينية) ونجد أنفسا متفاعلين معها، ولدينا قابلية لارتدائها، وهنا السبب يكون ارتباطا نفسيا بالقضية التي تشغل المجتمع .

عواطف متدفقة
وهكذا يبدو أن الموضوع ليس بالبساطة التي كنا نتوقعها، وليس بالعفوية التي تسيطر علينا عند شراء الملابس، فكل لون له وظيفة سيكولوجية بالغة التأثير على الإنسان، وهذا ما تؤكد عليه الدراسة التي نتحدث عنها، حيث تشير إلى أن اللون الأحمر من أقوى ألوان الطيف وقوس قزح، وهو اللون الذي يشحن الطاقة والحرارة ويمنح القوة والحيوية، ويستخدم- عادة- لعلاج الأشخاص الذين يعانون اكتئاب الشتاء، ومن هنا فإن ارتداء الملابس ذات اللون الأحمر يوحي بثقة عالية في النفس، ويشعر لابسة بالقوة والطاقة، ويعطي إحساساً بالنشاط، لاسيما عند الشعور بالتعب والإجهاد، إضافة إلى أنه يمنح إحساساً بالرومانسية والعاطفة المتدفقة، لأنه يزيد من حرارة الجسم، ويضاعف الطاقة. أما اللون الأصفر فهو صاحب اتصال مباشر مع المخ، حيث تؤكد الدراسة أنه من الألوان التي تنشط المخ وتقوي العقل، ويمكن ارتداؤه بهدف تحفيز الإبداع، وتصفية الذهن عند الشعور بالتوتر العصبي، أو الإصابة به، فهو ينشط اليقظة الفكرية، لذلك فإن الأصفر هو لون الذكاء والمرح والإبداع في ذات الوقت، وبشكل عام هو يخاطب القدرات الفكرية ويؤثر إيجابياً عليها. وبالنسبة للون الأزرق فقد أشارت الدراسة إلى أنه لون هادئ، يساعد على الاسترخاء، ويهدئ الذهن، وبالتالي فإن ارتداء الملابس ذات اللون الأزرق يكون مفيداً في السيطرة على العواطف والمشاعر الانفعالية، لأنه يدعم خاصية الاستقرار النفسي والمعنوي لدى من يرتديه.

خليط الألوان
لكن لأنه من الصعب أن يرتدي الإنسان لوناً واحداً، ومن غير المعقول أن يرتدي اليوم ملابس كلها حمراء، وغداً زرقاء، وبعد غد صفراء، ركزت الدراسة على هذا الجانب، وأكد الخبراء الذين شاركوا في هذه الدراسة على أن المزج لهذه الألوان الأساسية مع بعضها البعض قد يكون أكثر فاعلية في نفسية الإنسان، لذلك فإن ارتداء اللون البرتقالي على سبيل المثال، والذي ينتج عن خلط الأحمر بالأصفر، يساعد على الإحساس بالطاقة العالية الصادرة عن اللون الأحمر، والمحافظة على القدرات الذهنية التي يوفرها اللون الأصفر، ومن هذا المنطلق يرى هؤلاء الخبراء أن تأثير الألوان في الحالة المزاجية لدى الإنسان، يمثل طريقة رائعة ومفيدة في السيطرة على الحياة، وينصحون في هذا السياق بارتداء الملابس الملونة التي تزيد من الشعور بالثقة والحيوية والراحة والهدوء، لأن الراحة والاطمئنان الداخلي غالباً ما ينعكسان على المظهر الخارجي، وتبقى الابتسامة الخيار الأفضل لصحة الإنسان

تعليقات

المشاركات الشائعة