تخلص من مشاعر الرفض






  • القبول·
مر" ماركوس أوريليوس" ،  الإمبراطور الروماني القديم والفيلسوف،  بأيام شداد أكثر مما يمكنني تخليه.  وتروق لي الطريقة التي عبر بها عن ذلك:
ما سر صعوبة تقبل الأمور حين لا تسير على ما يرام؟ فإذا كان الأمور تفرضه الطبيعة،  فتقبلها وتوقف عن مقاومتها. وإن لم يكن الأمر كذلك،  فاعمل على تلبية متطلبات طبيعتك،  واعمل على تحقيق ذلك،  حتى أن لم يجلب لك ذلك المجد.
في أغلب الأحيان،  نكون في حالة صدام مع أنفسنا ومع العالم الخارجي،  ولا يروق لنا أو لا نتفهم حين تسير الأمور على غير هوانا. فرغم أن بالحياة لحظات سعيدة عارضة،  إلا أنها في مجملها مليئة بالمخاوف والغضب والحقد والإحباط والقلق والشعور بعدم الإمساك بزمام الأمور.
أو كما قال الفيلسوف الأمريكي" هنري ديفيد ثورو": "إن عامة الناس يعيشون حياة مليئة بالإحباط واليأس المستكين" .  أيها الناس. . ألن يكون العالم عظيمًا لو سمح لك كل امرئ بالقيام بما تريد أن تقوم به وأن تكون من تريد أن تكون؟ لكن بدلاً من ذلك،  فالجميع يريد أشياء من هذا العالم أيضًا،  وعادة ما يتصادم ذلك مع حياتك حيث أن احتاجتهم تتعارض مع احتياجاتك.  ويأتي قول"ماركوس أوريليوس" ،  ذلك الحكيم الروماني،  مرة أخرى:" ولماذا نشعر بالغضب تجاه العالم؟ هل سيلحظ العالم ذلك؟" .
هذه هي المشكلة: نحن جميعًا نتعارك من أجل نصيبنا في الحب والسلطة والمكانة الاجتماعية والأمور المادية وكأن حياتنا تعتمد على تلك الأمور.

  • ·القليل من الحقيقة ·
إن ما نبحث عنه هنا هو الحقيقة،  حقيقة نفسك: لماذا تقوم به ولماذا تشعر بما تشعر به. وإليك بجزء ضئيل من الحقيقة التي تعلمتها: فأنا أشعر بالعجز حيال العديد من الأشياء في حياتي،  إن لم يكن أغلبها. فلا يمكنني إصلاحها ولا يمكنني القيام بها ولا يمكنني رؤيتها،  فأنا أشعر بالعجز حيالها. والأمر نفسه ينطبق علينا جميعًا،  تكمن المشكلة في أن هناك صوتًا يتردد بداخل رأسك يخبرك بأنه لا يمكنك قبول ذلك.  ولذا،  تظل تفعل الأشياء نفسها آملاً أن ما ستصل إليه من حلول سيصحح من الأوضاع بطريقة أو بأخرى،  ولكن هذا مستبعد إلى حد كبير،  وذلك نظرًا لأنك لا تعلم ما المشكلة الأساسية حقًا.
دعني أضرب لك مثلاً،  عزيزي القارئ. في مرحلة من مراحل حياتي كنت أشعر بالعجز حيال مخاوفي من الوحدة.  وكنت قد قابلت زوجي" بريان" بنيويورك توًا ووقعت في حبة علي الفور.  كان هو بمثابة كل شيء تمنيته في فتي أحلامي. كان لطيفًا وكريمًا وبارعًا وخفيف الظل،  وما أتم هذه الأوصاف كمالاً أنه كان وسيماً.  وكانت المشكلة أنني كنت أعيش في إنجلترا وكان هو يعيش في نيويورك.  لقد قابلت الرجل الذي أردت الارتباط به والزواج منه. وكنا نعيش عن بعد قصة حب رومانسية عبر المحيط الأطلنطي،  تشعلها المكلمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني.  وقد جاء في زيارة لإنجلترا وقضينا أسبوعاً رائعاً وقمنا بزيارة القلاع الموجودة بمقاطعة نورثمبرلاند ثم قمت أنا  بزيارته بنيويورك.
 وفي النهاية،  أصبحت العلاقة في غاية الصعوبة حيث قال لي" بريان" المقولة الشهيرة:" دعينا نظل أصدقاء فقط" .  لقد تحطم قلبي.  وتقريباً كنت أنتظر في كل دقيقة في كل يوم على أمل أن تصلى منه رسالة وكنت في أمس الحاجة للتواصل معه،  إلا أنني كنت لأريد إزعاجه.  وكنت أقضي اليوم بأكمله أفكر في "بريان" ، ولم أكن أقوي على التوقف عن الحديث عنه. وحين كان يتوقف من يستمع إلىّ عن الإنصات،  كنت أشعر بالمزيد من الوحدة.  ولم يكن هناك ما يجذب اهتمامي.  وشعرت بالوحدة بصورة سيئة ولم أقو على تصديق أن أملى في العثور على شريك حياتي قد ذهب سدى- وهي الحقيقة التي أرهبتني،  لم يكن هناك سبيل،  وكنت سأظل بفردي طوال حياتي.
  إذن،  ماذا كانت مشكلتي؟ أكانت تكمن المشكلة في حقيقة أنني محطمة القلب؟ كلا بل،  كانت مشكلتي في شعوري بالعجز حيال سلوك الهوس الذي تسبب فيه خوفي من الوحدة.  وشعرت بأنه يجب على أن أسيطر على الموقف ولم أقدر علي التخلص من هذا الشعور خلال أية لحظة من لحظات اليقظة- وكان سبب ذلك ( على الرغم من عدم قدرتي على فهم ذلك في وقتها) هو أن الموقف يمس أحد  الموضوعات المعقدة لدى والمتمثل في خوفي من الهجر.
 ربما تظن حالتك مختلفة عن ذلك وأنك لن تصل إلى هذه الحالة قط بسبب رجل/ امرأة. وبالطبع هذا صحيح،  قد لا تكون كذلك. ولكن إذا كنت تشعر بإحساس قوى من القلق أو نقص في الرضا والإشباع في حياتك،  إذن فأنت تواجه مشكلات أخرى على الأرجح؛ ربما في العمل أو ربما في حياتك العائلية حيث يبتعد سلوكك في مواقف معينة عن المثالية كل البعد. وهناك احتمال بأنك لا تعرف ماهية مشكلتك من الأساس.  ربما ترى بعض أمارات مشكلتك،  على سبيل المثال طموحات غير واقعية أو الإفراط في تناول الطعام أو تبذير المال أو السيطرة على الآخرين.  ومع ذلك،  ففي كل الاحتمالات،  ما لم يكن لديك وعى بالذات على نحو لا يصدق،  فلن تتضح لك الجذور ذلك.
لكن لا بأس في هذا،  فعندما تعلم أنك لا تعلم تمامًا ما الخطب،  لكنك على استعداد لتحمل المسئولية والقبول بأنك أنت المشكلة،  عندئذ لن تكون بحاجة إلى معرفة المزيد حتى تبدأ في تصحيح الأوضاع. بعبارة أخرى،  أنت لست ضحية العالم من حولك. ورغم أنه من السخيف تصديق ذلك: إلا أنك أنت دومًا المسئول عن رؤيتك واستجابتك للأشياء،  إن الأمر بسيط.

تعليقات

المشاركات الشائعة